الثلاثاء، 1 فبراير 2011

جضران ..

لست أدرى مصدر وكنه الكلمة العامية (جضران) أو (ضجران) .. والأصح والأرجح برأيي أنها انبثقت من الضجر بما معناه الملل والكبت .. أتخيل بذهني صورة وموقف مبدعها ومبتكرها وبالأحرى مخترعها يتثاءب رانيا للأفق البعيد الآفلة شمس غروبه الدامية محبط العزيمة والهمة .. يرزح تحت وطأة شيخوخة مبكرة وبغير أوانها بدأت تعلن عن نفسها بهرم مقبل كاره ومكروه ..ونهاية لريعان حياة منتهية هي حقيقة البداية .. قسرا وغصبا وعنوة وليست وفق هواه .. مستسلما ان الموات لن يأخذ إلاميتا .. ويرى نفسه أمسى جثة بعيون نغلها الدود .. وقد انطفأت بعدما كانت ممتلئة بأمل وحياة أخرى كالآخرين ممن سمع عنهم الكثير قاطني البر الثاني .. وبدون ان ادرى شاركته احاسيسة المرهفة.. وصرنا صنوان .. أدليت بدلوي ببئر الضجر والحرمان عاجلته بأيات لأبن الرومي : لاتلح من يبكى حياته .....إلا إذا لم يبكها بدم عيب الحياة غول سكرتها......مقدار مافيها من النعم لسنا نراها حق رؤيتها.......إلا زمان الهم والغم كالشمس لاتبدو فضيلتها.......حتى تخشى الأرض بالظلم ولرب شيء لايبينه...........وجانه إلا مع العدم .. وحينما بوغت بسماعه الأبيات تخيلته وقد أرهف السمع.. ومن علو حدق نحوى بإمعان..بقامة فارعة وسط الضباب والسحاب وبلحية سوداء كثة قابضا ترسه ورمحه.. ومتمنطقا سيفه.. أشبه بالناصر صلاح الدين هيئة وهيبة وقال بصوت واثق النبرات.. اخى اشعر ان الزمن توقف وانا محاصر مسجون مغبون كحصان عفي بزمانكم هذا وكل ماحولى جامد يتواصل صهيله وتململه ليلا ونهارا يريد ان ينطلق بالسهوب الفسيحة ضجران .. جضران اخى لاكائن حي يرضى بالأسوار ولو كانت من جوهر .. صحت وقد تملكتني الحماسة : انا ايضا أيها القائد ضجران..ضجران..جضرااان..مما انا فيه ومما أراه واسمعه من واقع يعرب.. من التسول والصغارة والرضا بالذل والهوان ومن السدود والبنود والأسوار والحدود .. جضران من عب السراب.. ونكث الوعود ومقولة شمسنا منا وشمس الغد فينا ..ومن غصة وطني يانغما في خاطري ومن نغمة وطني ياالما في خاطري..وطني الذي لازال ممددا بوهج الشمس و عصف الرياح وقد قطعت أشجاره ..ياوطنا تسلل وتسلق الشراذمة وشذاذ الآفاق نخلتك الخضراء الوارفة التهموا البلح والرطب والجّمار وصنعوا من دمك (لاقبى ) للياليهم الحمراء .. صرخاتي واهاتى واناتى ردد صداها الوادي والسهل والجبل .. ضجران وجضران..أريد ان أتنسم الصدق والوفاء.. وان يهنأ اولادى واحفادى بحال حقيقي ولا تنمو بتلاتهم على الزور والبهتان والرياء ..أريد واقعا ملموسا وان أرى بأم عيني الغد سهل منبسط اخضر..اركض وأميّز ضباب انفاسى الشفيف يغرق احداقى.. وبعد المشوار (الزين) ارتاح هانئا بظل دوحة وطني الخضراء وبعد ان دفن الماضي الآفل الاثم بشراذمته والى غير رجعة.. ولاننى وفى السياق اعرف وأدرى الحكمة والقول الصيني ( الجواد المحبوس الضجران والجضران إذا طال ضجره وليل سجنه تنفصل روحه عن جسده وتصعد للسماء ويصير مريضا حزينا اعجفا لايصلح لشيء ولا لن ترجع روحه طيلة حياته )..